اتصل بنا
 

حمل وعودا وافتقر لآليات التطبيق.. هل راوغ الرزاز في بيان وزاري تقليدي؟

نيسان ـ نشر في 2018-07-10 الساعة 20:25

x
نيسان ـ

محمد قبيلات

لم يشكل البيان الوزاري الذي ألقاه الدكتور الرزاز رئيس الحكومة، أمس الاثنين، أمام مجلس النواب خلال جلسة منح الثقة التي عقدها المجلس، فارقا جديدا عن تقليدية البيانات الوزارية للحكومات السابقة.

حاملا للوعود مفتقدا للآليات الواضحة لتحقيقها، راح البيان يلقى على مسامعنا بصوت رئيس الوزراء.

ككل بيان وزاري تعهد الرزاز بإجراء إصلاحات اقتصادية بعقلية إدارية تَفصِل تمامًا هذه الإجراءات عن الإصلاح السياسي، من خلال طرح آليات إدارية لا تصل إلى جوهر المشكلة الأساسية في المجتمع، المتمثلة بغياب التوزيع العادل للثروة والتنمية، بسبب هيمنة طبقات ومناطق معينة على الثروة، إضافة إلى أن هذه الإجراءات لم تصل إلى توصيف الاختلالات الهيكلية العميقة التي ضربت اقتصاد الدولة الكلي.

وككل بيان وزاري تناسى بيان الرزاز عامدًا خطط الإصلاح الاقتصادية السابقة، وكأنه ينطوي على معجزات جديدة، من خلال الإجراءات الشكلية التي اقترحها، برغم أن الإصلاح الاقتصادي معروف عنه أنه عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى إحداث تغييرات على صعيد السياستين المالية والنقدية، وهذا ما فعلته او حاولت الحكومات السابقة، ولكنها لم تحقق نتائج تذكر على هذه الصعد.

بل إن ما شهدناه أن البطالة تعمقت والمديونية ازدادت، وزاد العجز في المموازنات السنوية، وارتفعت الأسعار والضرائب، وانخفض مستوى المعيشة، وكذلك بالنسبة لتصحيح الاختلالات الهيكلية، فإن البرامج الحكومية جميعها لم تقدم أية خطوات من شأنها أن تؤدي إلى حلول ناجزة على هذه الصعد، بل إنها أسهمت في تعميقها.

الحقيقة التي غابت من نص البيان وروحه، هي أنه لا يمكن إجراء إصلاحات اقتصادية، من دون إجراء إصلاحات سياسية وتشريعية جذرية، وهذا ما حدث تأريخيا في البلدان جميعها التي واجهت أزمات في تاريخها، وحتى لا نذهب بعيدا، فإن أمسنا القريب كان مثالا صارخا على هذه الحقيقة، فبعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت في البلاد عام 1988-1989 وكانت هبة نيسان النتيجة المنطقية لها، كان لا بد من إجراء إصلاحات سياسية، تمثلت في إلغاء القوانين المانعة لحرية الأحزاب والصحافة، وأجريت انتخابات نيابية، وتم إنجاز الميثاق الوطني، وما كانت تلك الإجراءات إلّا تعبيرا عن ولوج مرحلة جديدة تنهي احتكار طبقة معينة النفوذ في ادارة الدولة، وطُرحت فكرة إشراك فئات وشرائح اجتماعية جديدة في صناعة السياسات.

لا نريد هنا أن نحمّل الدكتور عمر الرزاز وزر هذا كله، فالعملية السياسية الجارية، التي أنتجت هذه الصيغة السياسية، أي الحكومة بشكلها الحالي، إنما تعبر عن حالة صراع طبيعي، ربما لا يكون ظاهرا للسطح في المجتمع.

إن الطبقات المهيمنة والمستفيدة في الفترات السابقة باتت تشعر بأن الظروف لم تعد تساعدها وأن مصالحها مهددة، فلجأت مرحليا إلى هذه الصيغة المؤقتة، متأملة من الحكومة الجديدة أن تحسّن من الأداء الاقتصادي والإداري، من خلال هذه الإجراءات الشكلية، من دون تكبيدها تضحيات تمس مكاسبها.

لكن صدى هتافات المحتجين على الدوار الرابع، وفي حراكات المحافظات، ما زالت تتردد في الفضاء الاجتماعي، والفئات التي خرجت إلى الشارع لم تخرج لتسلية، إنما كانت تمارس تمرينا حيا على الانقلاب على التشكيلة الاجتماعية التي ما عادت صالحة للمستقبل.

نيسان ـ نشر في 2018-07-10 الساعة 20:25

الكلمات الأكثر بحثاً