اتصل بنا
 

شاب يدهم جلسة الثقة ويهز جسد الرئيس النحيل... اللحظة الأردنية بالغة الصعوبة

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2018-07-21 الساعة 10:55

x
نيسان ـ

محمد قبيلات...كانت مشاهد دهم شاب عاطل عن العمل في جلسة الثقة، بمجلس النواب أمس الأول،- والتي بُثت مباشرة على القنوات الفضائية- كافية لتوصيل أبلغ الرسائل للمراقبين والمهتمين عن الحالة الأردنية، ففي عز اللحظات التي كان من المفروض أن تكون لحظات فرح للحكومة وجمهورها ممن يؤيدون حصولها على الثقة، جاءت هذه الصور لتنغص الفرحة.
الصورة الحية جاءت لتذكر هؤلاء وغيرهم بأن اللحظة الأردنية أصعب مما يتخيلون، وأن مشكلة البطالة ليست مجرد أرقام ونسب ومؤشرات في قوائم الإحصاءات العامة، بل إنها مشكلة حقيقية، موجودة مثلها مثل باقي نتائج السياسات الاقتصادية، يمكن أن تنفجر في أية لحظة، ومن دون سابق إنذار.
رئيس الوزراء، الدكتور عمر الرزاز، وهو أكثر من يدرك عمق هذه المشاكل التي تواجه الحكومة، تطوّع للتصدي لحل الإشكال بتفهم واضح لموقف الشاب واستيعاب غضبته، فخرج معه إلى غرفة جانبية، تاركا لحظة إعلان نتائج التصويت على بيانه، مثبتا بهذه الحركة الإنسانية العفوية أنه يمثل جيلا وأنموذجا جديدا من المسؤولين الأردنيين.
نعم؛ إنه أنموذج جديد، آدمي، يحترم الإنسان فعلًا، ومعني بترسيخ هذه القيمة، فقد ترك جلسة المجلس في لحظة إعلان نتيجة التصويت على الثقة بحكومته، وخرج مع الشاب الذي كان يصرخ وهو يشرح مظلمته، حتى أنه أمسك بالرئيس وهز جسده النحيل عدة مرات، من دون تدخل الحرس للدفاع عن رئيس الوزراء، أو لحمايته من تصرف غير محسوب حسابه من قبل شخص كان قبل قليل يريد أن يلقي بنفسه من الشرفة المطلة على قاعة المجلس.
القصة كما فهمناها تتعلق بفقدان هذا الشاب وظيفته منذ خمس سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو عاطل عن العمل، وهو المعيل لأسرة مكونة من عدة أفراد، لا يعيش في العاصمة، بل يسكن الأطراف وينتمي إلى إحدى العشائر الأردنية، وقد جاء إلى المجلس، مستغلا هذا التوقيت الحساس، ليعرض مشكلته على الملأ لتشكل ربما عن غير قصد، حالة من حالات النضال المطلبي المتحضر، والاحتجاج على السياسات الحكومية التي أدت إلى فقدانه عمله وإفقاره.
هذه المشاهد التي اختطفت الأنظار والكاميرات من لحظات التركيز على نهايات عملية التصويت على برنامج حكومة الرزاز، برغم أهميتها، كانت كافية لاختصار المشهد، كافية لشرح حجم التحديات التي تواجه الحكومة وأية حكومة قادمة، كافية لتهز ضمير النواب ممن أعطوا أصواتهم تأييدا للحكومة تحت تأثير الاتصال معهم من قبل مراكز محددة، وكافية لأن تكون توبيخا قويا لأولئك النواب الذين أوسعوا الحكومة وبرنامجها نقدا ومن ثم منحوها الثقة، وكافية أيضا لتضع الحكومة ومن منحوها الثقة أمام حجم التحديات الكبير.
من جانب آخر، هي مشاهد كافية لأن يعود هذا الشاب لزوجته وأطفاله بشيء من الفخر، فقد انتقم لهم، على طريقته المبتكرة، من الـ'سيستم' الذي لا يعرف الرحمة وصارت وظيفته فقط أن يكفل أمان ومصالح الكبار، ويضمن للمقاولين وأصحاب الملايين وصولهم إلى البرلمان، بينما يلقي بهؤلاء المساكين، ممن لا تؤمن لهم رواتبهم كفاف يومهم، إلى عرض الشارع.

نيسان ـ نشر في 2018-07-21 الساعة 10:55

الكلمات الأكثر بحثاً