اتصل بنا
 

تداعيات زيارات وفود الحكومة إلى المحافظات..الناصح ليس أمينا

كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

نيسان ـ نشر في 2018-09-20 الساعة 23:59

نيسان ـ أليس فيكم رجل رشيد؟هذا هو أعظم سؤال جاء في مناسبة حرجة،ويعني ذلك أن
الرجل الرشيد يستطيع منع كل ما هو خارج عن المألوف والمنطق ،ومن شأنه أن
يخلق أوضاعا وظروفا يصعب تهدئتها،وبالتالي يحترق البيدر بما عليه من قمح
وشعير وغير ذلك.
الناصح ليس أمينا ،ومن أوصى بأن ترسل الحكومة المتعثرة وفودها إلى المحافظات
تنقصه الحكمة ،حتى لو درس في أعتى الجامعات الأمريكية ،لأنه نهل علما مكتوبا
وإبتعد عن علم الحياة الذي تعلمه التجارب ،وينتج الحكمة ،وهناك فرق شاسع بين
الحكمة والعلم و بين الحكيم والمتعلم ،إذ أن الحكيم يكون متعلما ،لكن المتعلم ليس
شرطا أن يكون حكيما.
المحافظات الأردنية التي زارها الوزراء وأخرجوا منها بطريقة غير لائقة تعاني
من قسوة الحياة وشظف العيش ، وقد هرب البؤس من البؤس الموجود فيها منذ
زمن ،فالبطالة والفقر والحرمان والتهميش هو العنوان الأبرز لها ،وبالتالي فإن
زيارة الوزراء لها لعرض قانون ضريبة الدخل على أهلها المحرومين من كل
مظاهر الحياة ،جاءت بهدف توريط الدولة وليس لإنقاذ الحكومة من ورطتها.
من حق أهالي المحافظات المحرومة أن يعبروا عن رفضهم لإستقبال وفود الحكومة
لأنهم جاؤوا في غير مناسبة مفرحة وليس في الوقت المناسب ،وكانت زياراتهم
للمحافظات إستفزازية ولا حدود لإستفزازها ،ولذلك جاءت ردة الفعل واحدة في
كافة المحافظات،وهم معذورون لأن الأمور لا تحل بطريقة الفزعة ،وكان أجدى
بالحكومة عرض قانون الضريبة على المختصين للوصول إلى قانون يرضى عنه
الجميع ،ومعروف ان القبائل الأردنية مشهود لها بإكرام الضيف الغريب ،فما بالك
بالضيف المسؤول في البلد.
لو أن وفود الحكومة زاروا المحافظات محملين بالبشرى وبحزم من المشاريع
التنموية التي تنقذ أهالي المحافظات من فقرهم المدقع ،وتنقذ شبابهم من البطالة
وتبعاتها ،وتمكن نساءهم إقتصاديا ،لكان إستقبال أهالي المحافظات بالزغاريد
والهتاف والتعييش ،وسيقومون بالإستدانة لطبخ المناسف وإعداد الحلوى ،لأن ذلك
لن يكون خسارة لهم ،بل ربح وفير ويكون إكرام الضيف واجبا،لكن أن يأتي
الوزراء بالنذر والنية المبيته لفرض قانون ضريبة، وهم يعلمون علم اليقين أن
أوضاعهم أشد مرارة من أيام أجدادهم إبان حرب السفر برلك،فإن إستقبال الوفود
الحكومية لن يكون إلا بالطريقة التي تم بها.
حتى لا يذهب البعض بعيدا ويصطاد بالماء العكر ،فإن ما تعرض له وزراء
الحكومة في المحافظة ،له تداعيات خطيرة على سمعة الدولة الأردنية ،وهناك من
يتربص،ولم تعد الأمور كما كانت في بدايات القرن الماضي ،إذ كان الخبر يحتاج
لشهر قبل ان يصل إلى أقرب تجمع سكاني لمكان الحدث ،بينما اليوم وبفضل وسائل
التواصل الإجتماعي فإننا نتابع الحدث في اليابان على سبيل المثال منذ لحظة وقوعه
بشكل حي ومباشر.
إخراج الوفود الحكومية بهذه الطريقة إنعكس حتما على هيبة الدولة،وبالتالي يجب
محاسبة من أوعز بهذه الفكرة الغبية كائنا من كان ،فهيبة الدولة ليست لعبة بيد من
درس هنا أو هناك وعاد مرتبطا بهذه الجهة الإستخبارية أو تلك ما أهله ان يكون
صانع قرار في الأردن.
هناك مشكلة تطل برأسها في البلد وهي ان البعض صدق نفسه انه صانع حراك
الدوار الرابع الماضي ،وانه مستعد لحراك جديد للإطاحة بحكومة الرزاز ،وهنا
تكمن الخطورة ،إذ أن الدوار الرابع أنجز رسالة مزدوجة للمانحين الخليجيين أننا
في وضع حرج وفي حال تطورت الأمور سوءا ،فإنه سينولهم من الحب جانب ،أما
الشق المتعلق بالمجتمع الدولي فكانت الرسالة أننا تعاملنا مع الحراكيين بما يرضي
المعايير الدولية في مثل هذه الحالات ،وسجلنا سبقا بفض الحراك سلميا .
التخوف الحاصل هو ان هذا البعض الذي لم تصله الصورة الحقيقية للدوار
الرابع،ربما يبادر ذاتيا للتجمع هناك مرة أخرى ويحدث ما لا يحمد عقباه ونجد
أنفسنا وقد عدنا مضطرين إلى المربع الأول.

نيسان ـ نشر في 2018-09-20 الساعة 23:59


رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

الكلمات الأكثر بحثاً