اتصل بنا
 

ولاية الامر بين حرف جر وضمير

أكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2018-11-06 الساعة 18:02

نيسان ـ بين حرف جر وضمير تسقط ولاية الفقيه والمتسردب والوراثة وكل شكل من الولاية الا ما ارتضاه عموم المؤمنين. بين حرف جر وضمير تسقط شرعية حكام جاؤوا باسم الدين على شعوب لا تعرف من الطاعة الا طاعة العبيد، شعوب ثارت في نفوسها عبادة الصنم.
بين حرف جر وضمير تكمن إرادة الشعب في اختيار ولاة أمرها
حرف جر وضمير أغفلة علماء السلاطين وغاب عن غيرهم، يقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) آية وضعت سيفا من جهل على رقاب الشعوب الإسلامية على غير ما هي عليه فجعلوها طاعة عمياء طاعة القرود وأنا هنا لست مفتيا ولا مفسرا غير أني أقرأ في النص أقرأ في لغة كرمها الله بأن تكون لغة القران الكريم.
إن طاعة الله ورسوله في الآية وردت مطلقة لا قيد عليها يوجه معناها غير مطلق الطاعة، لكنا نجد قيدا موجها على طاعة أولي الأمر؛ وهو قيد يحدد لنا أولياء الأمر اللذين تجب طاعتهم عطفا مقيدا على طاعة الله ورسوله المطلقة، فالله تعالى لم يترك تركيب (أولي الأمر) مطلقا فقيده بحرف جر وضمير وخصص حرف الجر بالحرف ( من) والضمير (كم) (منكم) ولم يقل تعالى (فيكم أو منهم أو لهم أوعليهم) فلفظ (فيكم) يعني أن جماعة خاصة موجودة بينكم أيها المؤمنون لها ولاية الأمر وعليكم طاعتها، ولفظ (منهم) تعني أن هناك مجموعة خاصة من جماعة خاصة غائبة عن المشهد العام وليس شرطا أن تكون من المؤمنين، في بعضها تقع ولاية الأمر ، فالضمير (هم) للغائبين. ولو قال :(لهم) فهذا يعني أن جماعة خاصة غائبة عن المشهد لها ولاية الأمر على إطلاقها ليسوا من الحاضرين في الحدث الشوري، ولفظ (عليكم) تعني أن آخرين لهم عليكم الولاية بالجبر لا الاختيار، لهم ولاية الأمر على سائر المؤمنين فرضا لا نقاش فيه، والله سبحانه وتعالى لم يستخدم أيا من هذه التراكيب (شبه الجملة) التي تقدس مجموعة بعينها وتسلب المؤمن من حق اختيار ولي أمرهم أو ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم، فقد حدد تعالى طريقة اختيار ولي الأمر على العموم وترك تحديد آليات الاختيار للشورى بين الناس. وهي قاعدة مارسها الغرب بغض النظر عن الهنات في تطبيقها والشكل الذي تم إتباعه.
إن التمعن في مدلول حرف الجر والضمير (منكم) يرشدنا الى أن ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم وعدم الخروج عليهم هم من يختارهم قومهم أو الشعب او الامة وخص سبحانه وتعالى المؤمنين بالتوجيه فهم أولى الناس في تطبيق مبادئ الحرية واحترام الرأي؛ لانهم افقه في الدين، ولا أقصد كل من اعتم والتحى وترنح في المساجد.
فأولي الأمر منبثقون من بين المؤمنين (منكم) وانتم من يمنحهم الولاية ويسلبها عنهم، والضمير (كم) يعيد الأمر للمؤمنين بعامتهم لا خاصتهم؛ فهو ضمير جمع للمخاطبين، والحرف (من) فيه معنى الظرفية المكانية البينية المبهمة والتبعيض. فولاية الأمر مقيدة بكونها (منكم) على العموم دون تخصيص فرد بعينه من المؤمنين، وهم منكم لا عليكم ولا لخاصة بعينها، والضمير موجه لجماعة المخاطبين يعود على المؤمنين في لفظ (الذين) الموصوف بمن فعلوا الايمان واتصفوا به وليس من تسموا به فجاءت صلة الموصول فعلا (أمنوا) ومن الفعل أحيل على الاسماء بدلالة واو الجماعة ومن دلالة واو الجماعة والاسم الموصول (الذين) يكون الخطاب لجماعة المؤمنين وليس لفرد من المؤمنين، وهو خطاب للحاضرين لا الغياب، فالضمير (كم) للمخاطبين الحضور ، فكل واحد يحضر ويستطيع الاختيار مكلف باختيار ولاة الامر ولا ينوب فرد عن آخر. وولاية الامر لا تنحصر في امر واحد؛ أي الحاكم، فقد ورد في الاية لفظ (أولي) وهو جمع لا مفرد له، فكل أمر يتعلق بشؤون الناس يجب ان يُختار القائم علية من الشعب وعليهم طاعته .
وكل ولي أمر يطاع أمره مرهون بإرادة من أعطاه الولاية ، والإنسان يطيع من أعطاه الولاية لا من فرض عليه الولاية- فالله تعالى امرنا بطاعته بعد ان منحنا الارادة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر- ومن بعد ذلك لا يصح الخروج على ولي الأمر ما لم يعص الله ورسوله حتى لا يصبح الأمر ألعوبة بيد كل مفتر أو مجموعة لا توافق رغبة الشعب. فأمر الطاعة موجه إلى المؤمنين كلهم على اختلاف مشاربهم الفكرية، فأمر الله سبحانه وتعالى جميع المؤمنين بطاعة من يختارونه. وعليه فكل من ولي أمرا يطاع فيه يجب أن يكون مختارا من شعبه؛ فالعالم المطاع كالمفتي مثلا يجب أن يختار بإرادة الناس، والحاكم كذلك والوالي ورئيس البلدية وما شابه ذلك والأصل تحكيم الشورى بين الذين يطيعون أمر الله (وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ) وهم شورى في الولاية وما شاكلها وفي كل امر عام.

نيسان ـ نشر في 2018-11-06 الساعة 18:02


رأي: د. محمود الهواوشة أكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً