اتصل بنا
 

يا ربّ الماء .. فسادهم صار جارفاً ويقتل؟

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2018-11-10 الساعة 15:37

يا رب الماء .. فسادهم صار
نيسان ـ إبراهيم قبيلات...في الشتوة الاولى انقضّت حكومة الدكتور عمر الرزاز على مدرسة "فيكتوريا"، وحبسوا امرأة وموظفين، هم ليسوا أكثر من أكباش فداء لحكومة ترفض أن تتحمل مسؤوليتها، وكلما كبت على وجهها، تناولت "فدوة" لتلقي بها في السجون.
لم يكتمل مشهدنا بعد، في الشتوة الثانية عرّتهم السيول والامطار، وهتكت سر فسادهم العبارات والشوارع فكيف سيتصرفون؟ وأي قفاز سيلبسون؟.
نعم، إنها سيول فسادكم من قتلتنا في مليح وفي ضبعة، والجفر، وفي مناطق كثيرة من مملكتنا الحبيبة..لقد شهدنا أمس أثر فسادكم بأم أعيننا، كان مرعباً حد القهر، وحد الفجيعة.
نحن لا نتحدث عن استشهاد 12 شخصاً جراء السيول والانجرافات وحسب، نحن نتحدث عن غياب رسمي سوى من عناصر أمنية وكوادر دفاع مدني ينقصها الكثير، بين أدوات ومعدات ورؤية.
قالت الناس بعد أن أشّرت لرجال الدفاع المدني إلى مكان غرق السيارة في بلدة مليح : "إنقذوهم إنهم في السيارة".. لكن ذهبت أصواتهم مع السيول، كما ذهبت أرواح الضحايا، فلا أدوات ولا معدات تمكنهم من انتشال مركبة وسط نهر جارٍ..بعد قليل انخفض منسوب المياه في مجراها، وبانت المركبة؛ فتسابق الجميع على إنقاذ من بها. كان هذا عصر الأمس.
في المساء، شهدت كوادر الدفاع المدني يلقون بأنفسهم في السيول والأودية بحثاً عن مفقودين، منهم المختص والمدرب ومنهم من ساقته الفزعة لا شيء غيرها، لكن أدواتهم بسيطة، ولا تتجاوز حبال وإضاءة مخنوقة وعصي متواضعة ينبشون بها طمم سيول مجنونة ورواسبها؛ فاستثار المشهد مجتمع لم يسبق له أن كان وجها لوجه مع فاجعة، تسمى غرق وانجرافات .
في الأثناء هرعت الناس بحثاً عن مفقوديهم إلى جانب الأجهزة المختصة، فهالهم حجم الدمار في بنية تحتية مهترئة، صارت وحشاً مفترساً يبتلع الصغير والكبير، أمس كانت مهمة الناس ورجال الدفاع المدني في البحث عن ضحايا سيول كارثية مدمرة أكثر من صعبة.
إلى متى نكظم غيظنا؟ وإلى متى نراكم تحفرون قبورنا بفسادكم وهشاشة ولائكم وتواضع إيمانكم ببلد بح صوته وهو يناديكم، لكن أحدا لم يسمع.
خلال أيام قليلة تكشّف زيف ادعاء الرسمي، وقدرته على التعامل بأقصى درجات الجاهزية والكفاءة مع المنخفضات الجوية، أمس شربنا القهر والحزن ونحن نرى أبناءنا وأخواننا يغرقون في الوحل من دون أن نغير في معادلة الحياة والخطر شيئا..كان فسادكم أكبر من نخوتنا ومن حرصنا.
ندرك أن الكوارث تحدث في كل بلدان العالم وتأخذ معها أرواحا كثيرة، لكن أين ضرائب الناس وحقها في بنية تحتية آمنة؟ وأين ملايينهم المدفوعة لصيانة الجسور والعبارات؟ وأين مؤسساتنا الرسمية المختصة بقراءة خرائط الطقس؟. لا تجيبوا عن هذا السؤال الأخير قبل أن تتذكروا تحذيرا أطلقته الأرصاد الجوية قبل أيام ثم جاءت درجات الحرارة عالية لتكذبكم؟ كيف سنصدقكم بعدها؟
كل ذلك نفهمه في سياق واحد..فسادكم ينتصر علينا يوما بعد يوم.. كان فسادكم مخفياً بأسراره وشؤونه، لكنه اليوم لم يعد كذلك، صار جارفا ويقتل..كأنه كان قنبلة اعتاد الفاسدون حشوها بملفات وسرقات وعطاءات وتزبيطات، حتى أصيب بالتخمة، فتجشأنا موتاً في السيول والوديان والعبارات بمليح والواله والجفر وضبعة.
نحن لم نتعرض لعظيم. فقط أمطار. لم نتعرض لعواصف. فقط امطار. لم نتعرض لزلزال. فقط امطار.

نيسان ـ نشر في 2018-11-10 الساعة 15:37


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً