اتصل بنا
 

في أعقاب لقاء إردوغان بترامب قضية خاشقجي توقفنا على أعتاب حربٍ إعلامية

كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

نيسان ـ نشر في 2018-11-14 الساعة 16:30

نيسان ـ لعل "واشنطن بوست" بنشرها باللغتين العربية والإنجليزية آخر مقال كتبه جمال خاشقجي تعلن أن الصحفي المغدور هو شهيد حرية التعبير. وحسبما جاء في آلبي بي سي، فإن المقال والذي جاء تحت عنوان مفارق : "أمس ما يحتاجه العالم العربي هو حرية التعبير"، نشر المقال في 18 أكتوبر/ تشرين الأول أي بعد أكثر من أسبوعين من دخول خاشقجي القنصلية التي لم يخرج منها حيًّا أبدًا.
صحيفة الواشنطن بوست هي من أهم الصحف الأميركية والتي تشتهر بتحقيقاتها وبخاصة تحقيقها حول فضيحة ووتر جيت. وهي الصحيفة التي كان يعمل فيها خاشقجي مراسلاً وكاتبًا. لهذا، فإن مقتل خاشقجي أصبح قضية رأي عام وهي فضيحة سياسية بكل المقاييس. وأمريكا لا بد أن ترى أن خاشقجي صوتًا حُرًا قد أخمد، ومحبي الحرية في العالم يؤمنون بالنضال من أجل العدالة. وبالتالي قد يتشكل تيار شعبي في الولايات المتحدة للوقوف وراء حق خاشقجي يطالب بالعدالة له.
منذ أن انتشرت القصة في وسائل الإعلام، أصبحت القصة الرئيسيّة في العالم والقصة التي يرتقب الجميع تفاعلاتها والجميع في انتظار التحقيق وكيف ستعاقب السعودية.ولا أحد يعرف ما سيحدث تمامًا بسبب تضارب التحليلات. مع ذلك، فالسعودية ردت بقوة وبسرعة مهددة بتغيير سياساتها وقلب موازين القوى. وهي تعاملت كأي دولة عندها سيادة ترفض التدخل الخارجي. ولكنها ستوضع على المحك عندما تواجه التحقيقات والمحاكمات الدولية. وما زالت الماكنة الإعلامية السعودية في حالة تأهب لدعم الرواية السعودية. وفِي المقابل، تجعل قناة "الجزيرة" من هذه القصة قصتها الرئيسيّة وتغطيها من جميع زواياها، ربما للإنتقام من المملكة العربية السعودية التي شنت هجومًا سياسيًّا واقتصاديًّا على قطر في السابق. ولطالما كانت قطر على خلافٍ واختلافٍ مع السعودية. بل إن الجزيرة خرجت للنور لتأتي بمنظور جديد في مشهد الإعلام العربي المملوك في معظمه للسعودية.
لقد كانت جريمة خاشقجي جريمة دولية على مرأى ومسمع الجميع بفضل وسائل الإعلام. وذلك منذ أن انطلقت من اسطنبول ثم دوت في العالم، هل تهز كيان الدولة السعودية؟ هذا سيعتمد على سياق التحقيقات، فالبعض يتكهن بإن ترامب لن يفرض عقوبات على السعودية، بينما يوجد هناك من يفترض عكس ذلك.
في الواقع، فإن تركيا تحاول أن تحاكم السعودية في المحاكم التركية. وبالطبع، السعودية لن تخضع لذلك مما سيؤدي بتركيا إلى اللجوء لشركائها في الناتو فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة بهدف محاكمة السعودية في المحاكم الدولية لحقوق الإنسان. تركيا لا تريد أن تكرر السعودية مثل هذا السلوك وقامت تركيا بعمل تحقيق جنائي في قضية خاشقجي لكن بقي سؤال: "من أطلق الأوامر" وتريد تركيا التحقيق مع ال18 شخص المتهمين بقتل خاشقجي لكن دون استجابة من السعودية لتسليمهم لأنقرة.
نستطيع أن نقول أن تركيا سوف تسهم في تدويل الأزمة مع السعودية ودليل ذلك إسماع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شريط التسجيل للجريمة لعددٍ من الدول. وهو بصدد لقاء عدد من زعماء العالم في باريس ومن ضمنهم الرئيس الأمريكي ترامب حيث سيطرح الرئيس التركي الأزمة مع السعودية حول مقتل خاشقجي. بالإمكان القول بأن القضية بدأت بالتحرك على مستوى اللاعبين الكبار أي رؤساء الدول مما يعني أن قرارات جدية قد تخرج عما قريب. وعلى الأغلب، فإننا سنشهد حربًا إعلامية بين كل من الإعلام العربي، والأمريكي والتركي. وهناك العديد من الدول تملك محطات إخبارية عربية. هذه حرب إعلامية حول الحقيقة ومن يملكها وقصة خاشقجي أصبحت عالمية وعابرة للحدود.
الولايات المتحدة الأمريكية وإن ألمحت باحتمالية عزل بن سلمان، فإنها ذكّرت بمصالحها الإستراتيجية مع السعودية. أما موقع سي إن إن بالعربية، فقد أسند إلى مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي قوله إنهم سيتمكنون من الحصول على أدلة كافية ليفرضوا عقوبات على أفراد مسؤولين عن مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي. وكان بومبيو قد طلب من السعودية إجراء تحقيق شامل عما حدث يتسم بالشفافية. وتلوح أزمة في العلاقات السعودية الأمريكية، ومن المرجح أن تزداد الأمور تعقيدًا مع بدء التحقيقات الدولية التي ترفضها الرياض.

نيسان ـ نشر في 2018-11-14 الساعة 16:30


رأي: سندس القيسي كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

الكلمات الأكثر بحثاً