اتصل بنا
 

العبث في المسلّمات

كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

نيسان ـ نشر في 2018-02-07 الساعة 09:36

نيسان ـ

ثمة مظاهر وظواهر عربية غريبة ومستهجنة في مجمل العلوم السياسية والإستراتيجية والتكتيك ،يتوجب علينا تسليط الأضواء عليها ليس لتقريع أصحابها ولا لتخوينهم بل لنقدها ،وتتعلق بمجملها في عدم فهم أسس الصراع وإستبدال الصراع الرئيس بالصراع الثانوي ،أي التصالح مع العدو الذي نتناقض معه رئيسيا ،ومعاداة الأصدقاء الذين نختلف معهم ثانويا.

لا ندري كيف إستنبط هؤلاء مسلكياتهم وإشتقوا تصرفاتهم ،ونحن لم نجد لها مبررا في كتب المنطق او القانون أو الإستراتيجية والتكتيك ،ولا توجد طبعا إلا في باب عدم البحث عن المصالح والعمل على إضغاف الذات من أجل الآخر الذي لا يهتم بمراعاة شعورنا ،ولا يعمل على تحقيق الحد الأدنى من الإحترام لنا.
الأمثلة العربية على ذلك كثيرة ولا نريد الغوص في التاريخ حيث الولاء العربي الموزع بين الفرس والروم ،أو مسلكيات ما يطلق عليهم ملوك الطوائف الذين كانوا يشترون خدمات الفرنجة من أجل القضاء على منفسيهم سواء كان أخا او أبا أو حتى إبن عم .
لنبدأ بالسعودية التي قلبت الطاولة على من حولها ،وغيرت إتجاه بوصلة الصراع بصورة دراماتيكية أذهلت البعيد قبل القريب ،بدخولها العلني على الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي وإصطفافها إلى جانب مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية ، ناسية أو متناسية أو لنقل أنها متجاهلة انها قبلة العالم الإسلامي ولها خصوصية مميزة ،وبالتالي فإن سقوطها في الحضن الصهيوني إنما هو سقوط للأمتين العربية والإسلامية .
يبرر صانع القرار السعودي ما قام به من فرط للمسبحة بطريقة فجة ،بأنه عائد للخوف من إيران ،وبناء عليه نقول أن الصراع السعودي-الإيراني هو صراع ثانوي يتم حله بالحوار ،فبيننا الكثير من المشتركات أهمها كلمة التوحيد والقبلة ،وهذا الصراع لا يمكن ان يتحول إلى صراع رئيسي .
ما بيننا وبين مستدمرة إسرائيل هو صراع رئيسي لا يمكن حله إلا بالكفاح المسلح ،ولا يجب أن ينتهي إلا بإزالة هذه المستدمرة الخزرية ،بمعنى أن الذين إنخدعوا لحاجات في أنفسهم ،بأنهم سيقيمون سلاما مع هذه المستدمرة ،كانوا واهمين ،وان ما قاموا به كان لعدة أسباب أولها المنابت والأصول ولتحقيق مكاسب شخصية وعائلية على حساب الشعوب .
الظاهرة الأخرى التي تستحق الفحص والتدقيق هي موقف النظام السوري الذي يتحالف مع إيران لكنه يعادي تركيا ،و'يغض 'الطرف عن مسلكيات مستدمرة الخزر في فلسطين ضد سوريا الشعب والأرض،ومعروف أن الطائرات الإسرائيلية تواصل الهجمات الجوية على أهداف إستراتيجية في سوريا بذرائع واهية مثل تهريب السلاح الإيراني لحزب الله عبر سوريا .
ملف الإعتداءات الإسرائيلية على سوريا لا حصر له وهناك تبريرات منطقية للهجمات الإسرائيلية على الأهداف السورية ،وهي أن هذه الأهداف تعارض سياسة النظام في دمشق ،وبالتالي توجب الخلاص منها أو تاديبها على الأقل، والمحيّر ان النظام السوري ما يزال على حاله بعد كل عدوان إسرائيلي على أراضيه ،يصدر بيانا يقول فيه انه يحتفظ لنفسه بحق الرد في الوقت المناسب على مستدمرة إسرائيل ،ويبدو أن المهدي المنتظر سيظهر من اليمن وتجتاح قواته المنطقة ،وما يزال نظام دمشق يحتفظ بنفسه بحق الرد على مستدمرة الخزر في فلسطين.
ومع ذلك فإن النظام السوري يتصرف مع تركيا من منطلق الصراع الرئيس وهي الدولة الجارة المسلمة ،حيث أوعز النظام لقواته الصاروخية بالتوجه ناحية عفرين في الشمال للتأهب لقصف أهداف تركية ،وهو الذي لم يطلق رصاصة واحدة على مستدمرة الخزر في فلسطين لا في عهد الأب ولا في عهد الإبن رغم 'إحتلال 'الجولان في حرب عام 1967 ،رغم أنه قيل غير ذلك.
الظاهرة الثالثة هي مسلكيات نظام السيسي في المحروسة مصر والتي تظهر العداء للسودان وقطر وتركيا وإثيوبيا وهدد بشن الحرب على السودان وأسهم في حصار قطر وتحدى إثيوبيا وتعامل مع هذ الأطراف الأربعة كأعداء ينتمون لفئة الصراع الرئيس ،بينما هو يتساوق مع مستدمرة الخزر في فلسطيني،ويواصل رهن المحروسة مصر لها ،ويسمح لطائراتها بدك سيناء بين الفينة والأخرى بحجة ضرب مواقع داعش.
التنسيق الأمني المريب الذي تلتزم به سلطة اوسلو في رام الله مع مستدمرة الخزر في فلسطين يضع هذه السلطة في خانة أعداء الشعب الفلسطيني ،إذ يكفي مرور 25 عاما على خديعة أسلو التي ورطنا بها النظام الرسمي العربي ،لأن نتعلم الدرس ونقوم نحن بقلب الطاولة على رؤوس من حولها ،والتصرف بما نتمتع به من قوة رغم الضعف الظاهر،فأعتى قاض لن يتمم مراسيم الزواج ما لم توافق العروس.
الأردن مؤخرا أربك المشهد بقبوله المصالحة مع المستدمرة الخزرية في فلسطين بعد جريمة السفارة- الوكر، وقيامه بقطع العلاقات مع كوريا الشمالية إرضاء لأمريكا التي أعلنت رسميا على لسان رئيسها المودع ترامب ونائبه بينس الذي زار الأردن وظل مصرا على ان القدس المحتلة عاصمة لمستدمرة الخزر.
مالنا وما لكوريا الشمالية التي وقف معنا رئيسها بالباع والذراع في خضم النار التي أشعلها موقف ترامب حول القدس ،وقال الرئيس الكوري الشمالي حول الإعتراف بالقدس عاصمة لمستدمرة إسرائيل':هل هناك إسرائيل حتى نعترف بالقدس عاصمة لها'؟
آن الأوان أن نتسلح بالمنطلق ونعيد دراسة أسس الصراع والتصرف حسب المصالح العليا لبلادنا وليس حسب المصالح الضيقة ،فنحن من وضع مصير الأمة على قارعة الهاوية ،ونحن من أوصل مستدمرة الخزر في فلسطين إلى القدرة على الدوس علينا جميعا.

نيسان ـ نشر في 2018-02-07 الساعة 09:36


رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

الكلمات الأكثر بحثاً