اتصل بنا
 

حماس ودحلان وانتخابات بلدية

كاتب اردني مغترب

نيسان ـ نشر في 2016-07-21 الساعة 14:34

حماس تدعم الانتخابات المحلية الفلسطينية في أكتوبر وتقدم ضمانات لتسهيلها وإنجاحها، وتوفر أجهزتها الأمنية للعملية الانتخابية في قطاع غزة، مما يشير إلى مشاركتها في المنافسة على مقاعد المجالس البلدية والقرية. ومع ذلك، لم تعلن حماس رسمياً عن مشاركتها أو مقاطعتها للانتخابات، ويبقى الأمر مفتوحاً. ويشير القانون الانتخابي الفلسطيني إلى أن حماس قد تضطر إلى عقد ائتلافات مع غيرها لتحقيق نسبة الحسم العالية المطلوبة.
نيسان ـ

تجعلنا الأخبار عن "دعم" حركة حماس إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في "حيص بيص"، ذلك أن رئيس لجنة الانتخابات، حنا ناصر، نقل عن نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، "ضماناتٍ" لتسهيل هذه الانتخابات وإنجاحها، ما يعني أنها ستشمل، إضافة إلى إحدى عشرة محافظة في الضفة الغربية، المحافظات الخمس في قطاع غزة التي لم تأذن "حماس" لإجراء انتخابات العام 2012 فيها. وعندما يتحدّث القيادي في الحركة، خليل الحية، عن "تعاونٍ" من أجل إنجاح عملية التصويت، وعندما ترحّب الحكومة الفلسطينية، من مقرّها في رام الله، بموقف "حماس" هذا، فإن "الحيص بيص" يبقى على حاله، فالحركة الإسلامية لم تعلن مشاركتها في الانتخابات التي أعلنت الحكومة موعدها من دون تشاور مع أحد، ولم تعلن مقاطعتها أيضاً. وعندما يشمل اتفاق حنا ناصر وهنيّة أن توفّر أجهزة "حماس" الأمن للعملية الانتخابية في قطاع غزة، في مقابل ضمان لجنة الانتخابات توفير الحريات اللازمة لإجرائها في القطاع والضفة الغربية، فإنه يصير في الوسع ترجيح خيار "حماس" المشاركة، والتنافس على مقاعد مجالس 416 بلدية وقرية في "جناحي الوطن"، ما سيكون معطىً جديداً في المشهد الفلسطيني، وفي مسلسل المصالحة الوطنية المضجر. أما إذا استطابت المقاطعة، فسنكون أمام واقعةٍ مستجدّةٍ من تسليم السلطة الوطنية ورئاستها وحكوماتها بالأمر الواقع الذي اقتضى، مراتٍ، التفاهم مع سلطة "حماس" في القطاع بشأن امتحانات الثانوية العامة، و"التوافق" على قوائم الحجاج سنوياً. ويُشار إلى هذين الاحتمالين، هنا، وفي البال أن الحركة لم تسمح بأيِّ انتخاباتٍ في القطاع، لا للبلديات ولا لغيرها (مجالس الطلبة مثلا)، منذ الانقلاب المعلوم صيف العام 2007.
أما وأن نسبة الحسم عالية (8%) في قانون الانتخابات المحلية الفلسطينية (هل توافق "حماس" عليه الآن، وقد رفضته وتحفظت عليه سابقاً؟)، فذلك قد يضطرّ الحركة إلى عقد ائتلافاتٍ هنا وهناك مع غيرها، كما الأمر، إلى حدٍّ ما، لدى حركة فتح، مع أن هذا القانون يبدو مصاغاً لفائدة القوى الأكثر قوةً وشعبيةً (هل صيغ من أجل "فتح"؟). ولكن، من المبكّر الحديث في هذا الشأن، أما الحديث عن قوة جماعة محمد دحلان في الانتخابات المرتقبة فليس مبكراً، فالفتحاوي السابق، والملاحق بعدة تهم، والمحكوم بالسجن عامين (مثلاً)، والمتمتع بقرار قضائي يحفظ له الحصانة البرلمانية (!)، ينوي خوض هذه الانتخابات، وفي وسعه أن ينافس فيها، فقد صارت لنفوذه "بنيةٌ تحتيةٌ" (التعبير لكاتب زميل) في فلسطين، وفي التجمعات الفلسطينية خارجها، وفي وسعه أن يشكل قوائم للتنافس على ما أمكن من مقاعد في البلديات والقرى (خصوصا في قطاع غزة). وقد يمثل هذا الاختبار للرجل سانحةً مهمةً لتظهير "وزنه" الشعبي، أمام داعميه الإقليميين غير القليلين في المنطقة، ومنهم من يعمل على إعادة صياغة القيادة الفلسطينية (ألمح خالد مشعل تلميحاً في إفطار رمضاني، قبل أسابيع، إلى الأمر). والمعلوم أن القاهرة تضغط على الرئيس محمود عباس ليعقد مصالحةً مع دحلان، لضرورتها من أجل إلغاء تلك الأحكام والتهم، فتصير طريق الرجل أيسرَ نحو رئاسة دولة فلسطين، ولو بعد صيغة انتقاليةٍ قصيرة، مع انقضاء زمن عباس.

لم تعد قصة ترئيس دحلان، بهذه التصورات أو غيرها، موضوع ثرثرة مجالس، بل مطروحة على الطاولة في القاهرة وأبوظبي وغيرهما. وإذا كان الإعلام عموماً ليس في صالحه، فثمّة المال وإنفاقُه في بيئاتٍ فلسطينية، محتاجةٍ وفقيرة خصوصاً، يساعده أولاً على التقدّم جيداً عبر انتخابات أكتوبر البلدية، مضافاً إلى ولاءاتٍ وعصبياتٍ حاراتية، وشرذماتٍ فتحاوية. وفي حالٍ فلسطيني مهترئ، كل شيء يصير ممكناً وغير مستبعد... لننتظر ماذا ستقرّر حركة حماس بالضبط بشأن الانتخابات البلدية التي "تدعمها". ولننتظر جماعة الدحلانيين، ماذا سيصنعون بالضبط في الموسم الانتخابي المثير. أما بشأن "فتح" والرئيس محمود عباس، وقوى اليسار والمجتمع المدني في المجتمع الفلسطيني، فبقدر ما سنعرف عن "حماس" ودحلان، سنعرف عن هؤلاء جميعاً.

نيسان ـ نشر في 2016-07-21 الساعة 14:34


رأي: معن البياري كاتب اردني مغترب

الكلمات الأكثر بحثاً