اتصل بنا
 

عن ظلم الاردنيات وصبرهن

نيسان ـ نشر في 2017-11-16 الساعة 18:39

نيسان ـ

ظلمت المرأة الأردنية أكثر من غيرها، أكثر من السوريات والعراقيات والمصريات... أتحدثُ عن آخر خمسين سنة من القرن الماضي. تأخرت الجامعة على الأردنيات، تأخرت مجالس السعي نحو حقوق المرأة ولم تصل القرى الأردنية، تأخر مركز حماية الأسرة على توقيت 'القايش' الذي كان يجلد الأردنيات. كانوا يقولون لجدتي وبنات جيلها: 'صوت الحُرمه عورة حتى لو قالت لا إله إلا الله'. كانت الواحدةُ منهن تقف أمام سيدها النتن حتى ينهي طعامه ويطلب الماء ليشرب ويخرج صوتًا قبيحًا من فمه. لم تسمع أي واحدة منهن كلمة طيبة من أب أو زوج أو أخ، الأب لا يناديها باسمها ويكتفي بـ 'ها يا بنت' والأخ يرفع رجله لها حتى تنزع الحذاء الغارق بطين الفلاحة ورمال الرعاة.

كان الواحد منهم إذا أراد الجنس من زوجته لا يطلبه، بل يتركها حتى تقترب منه لترفع الأكل من أمامه و'ينخشها' برجلها (كناية عن ارجعي لأنام معك) كما ينخش حماره، وفي الصباح يتكحّل (كناية عن أنه عريس الليلة السابقة) وإذا سأله جمع الجهلاء على باب دكانة رديئة: ' شو مبارح نهشت بنت فلانة' وبنت فلانة كناية عن اسم الزوجة فيردُ الفحل:' آه والله أخذت حاجتي منها طول الليل'.

الأردنيات الصابرات يتقن الاعتناء بالأولاد ريثما يعود الزوج من عسكريته، تنفقُ على البيت ربع دينار ويأكل الأطفال حشائش الأرض 'خبيزة وعكوب' وصلصة بندورة وخبز. الأردنيات مثل أمي، كانت تنشل الماء بالدلاء لتسقي عمود الإسمنت الواقف بانتظار اتمام بناء البيت من دمها وصحتها، تنقل الرمل لتصنعَ 'برنده'، تفرطُ الزيتون ويدهمها المخاض وهي تحصد القمح في البيدر الغربي. كانت تمشي بين بسطات الملابس المستعملة على امتداد تل إربد لتشتري النعال والقمصان الملونة لطلاب المدارس. كانت تُزَبِلُ الفُرنَ وتسقي الدواب وتطعم الدجاج وتنظف عتبة البيت الترابية كل يوم، يدٌ على مكنسة القش وأخرى في صحن الفتيتة (خبز وشاي) ليأكل الرضيع.

الأردنيات الواقفات قبل أربعين النفاس لترضى أم الزوج. تقول الأردنية لأهلها 'جوزي وخليه يضربني كل يوم شو عليه' بعد أن تضرب وتهان وتخدشُ آدميتها، ذلك أنها بلا سند وستغدو مطلقة بانتظار أي عريس في السبعين ليستر المطلقة. الأردنية التي صبرت أكثر من أطول شنبٍ تزعم العشيرة وبطح الجمل واصطاد الضبع وأورث ذريته عقلًا من نعال وأسلوبًا قبيحًا يستخدمُ اليوم في 2017، كأن يخزن طبيب أو مهندس اسم زوجته 'العيلة' ويخجل باسمها وينهرها في المول إذا ضحكت بصوت مرتفع.

نيسان ـ نشر في 2017-11-16 الساعة 18:39


رأي: علي عبيدات كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً