اتصل بنا
 

يا فرحة ما تمّت

كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

نيسان ـ نشر في 2018-01-19 الساعة 16:12

نيسان ـ

بداية وللإنصاف المطلوب لا بد من إسجاء التحية العميقة لصانع القرار في الأردن ،جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي خاض حربا شعواء بدون جيوش أو صواريخ ،مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية ،وإنتصر فيها ومرّغ أنف صانع القرار في تلك المستدمرة الإرهابية بالطين الموجود في القعر الجنوبي لبحيرة طبريا حيث تستقر الحيتان هناك ويكثر برازها.
جاء صمود الأردن الرسمي وتساوق الموقفين الرسمي والشعبي تجاه الإرهاب الصهيوني على الأرض الأردنية المتمثل بجريمة السفارة-الوكر في شهر تموز الماضي ،وبإستشهاد القاضي زعيتر على الجسر عام 2014 ،ليسجل سابقة خطيرة بالنسبة للصهاينة لم يعتادوا عليها من العرب الذين تقمصوا الهزيمة قولا وفعلا،وبالتالي جاء الموقف الرسمي الأردني ،ليريح أعصاب الشعب الأردني التي تعبت جراء عدم الرد على مستدمرة إسرائيل بما يناسب ممارساتها العنجهية المتعنتة التي تشبه بالكامل ممارسات مملكة 'إسبارطة'التي قضى عليها تعنت قادتها.
رغم الإرتياح الشعبي الكامل لما آل إليه الخلاف الأردني- الإسرائيل ،ورضوخ صانع القرار الصهيوني النتن ياهو للرغبة الأردنية ،وإذعانه للإعتذار ودفع تعويضات زادت عن التعويضات التي إضطروا لدفعها لتركيا بسبب جريمتهم النكراء ضد سفينة مرمرة ورغم عدم قناعاتنا للتحول الصهيوني ،الذي برّأ مجرم السفارة بالقانون،فإن هناك كلاما يجب ان يقال وهو أن هذا العدو الشرس لا أمان له ولا إطمئنان معه ،وكان يتوجب التصعيد معه للحصول على ما هو أبعد من التعويض والإعتذار،فما قام به من إرهاب دولة منظم ضد الأردن ،لا يحله إعتذاء أو تعويض مالي ،فالمسألة مسألة كرامة ،ونحن نعاني من خدش عميق في كرامتنا ،ما دام هذا الكيان العنصري قائم بيننا ،ينفث سمومه العنصرية فينا،وبالتالي يجب أن تستمر المطالبة بإلغاء معاهدة وادي عربة وكل تبعاتها.
فرحنا كثيرا لتداعيات الخلاف الذي شبهناه بالصحوة وإن كانت متأخرة،وتبين للقاصي قبل الداني أن قوة الأردن في ضعفه المتخيل، وأن فقره لم يمنعه من ممارسة موقف سيادي أثمر على الفور ونجم عنه إذلال صانع القرار الصهيوني ،لأنه يعرف ماذا يعني خروج الأردن من دائرة التحالف مع مستدمرة الشر والإرهاب والعنصرية التي ترقى إلى مرتبة النازية إن لم تسجل درجات أعلى في هذا المجال.
لم يأت التنازل الصهيوني من فراغ ،وليس سهلا عليهم التنازل عنمواقفهم المتعنتة التي نجمت عن تحالفاتهم العميقة والقديمة مع أقطاب المنطقة ،وما كانوا ليتنازلوا قيد انملة إلا رغبة في التمكن كي يلدغوا مثل العقرب الذي لا أمان له ،ولنا في العلاقة مع تركيا خير مثال ،إذ انهم دفعوا تعويضات لتركيا ،لكنهم بيتوا امرا كشفه الله بإسهامهم في الإنقلاب الفاشل الأخير الذي حاول تغيير نظام الحكم التركي.
لن يكون الأردن العربي يوما صديقا لمستدمرة إسرائيل التي تعمل على النيل منه ومشاكسته يوميا في الداخل والخارج ،فصانع القرار الصهيوني النتن ياهو يوجه نباحوه الإعلاميون لمهاجمة الأردن الرسمي بإستمرار ،كما ويوجه بعثاته الدبلوماسية لمشاكسة الأردن في المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة ،ناهيك عن التوجيهات الصادرة لمراكز الضغط الصهيوني في واشنطن على وجه الخصوص لصهر ومستشار الطرمب ترامب الصهيوني جاريد كوشنير، للتشويش على الأردن والنيل قدر الإمكان من جلالة الملك عبد الله الثاني ،بسبب نجاحاته الدبلوماسية في الخارج وفي الساحة الأمريكية تحديدا ،وخاصة بعد التحالف المشبوه والمقزز بين كوشنير وترامب مع المراهقة السياسية التي ظهرت على الساحة العربية مؤخرا ،وأوقعتنا في ورطات لا داعي لها ،وتدفع لنزع الوصاية الهاشمية من الأردن الرسمي بعد إشهار التحالف مع مستدمرة إسرائيل.
التحالف الصهيوني- الإنجيلي الأمريكي-البترودولاري الجديد وضع الأردن الرسمي في عين المؤامرة ،وبالتالي فإن المصالحة مع مستدمرة إسرائيل وتفعيل العلاقات والتنسيق الأمني والتطبيع معها ،لن يعود بالفائدة على الأردن ،ونحن هنا لا نمارس التخيل والخيال ،فلتبق العلاقات مع المستدمرة البغيضة ،لكن لتبق نائمة لأنهامثل الفتنة ملعون من يوقظها.
مطلوب من الأردن الرسمي وبعد إفتضاح النوايا وإنكشافها منذ مجيء الطرمب ترامب إلى سدة البيت الأبيض والتحالف الجديد مع البترودولار،أن يستمر في نسج تحالفات جديدة نافعة تعود عليه بالنفع وتحميه من الأطماع التي بدأن تظهر كأنياب الذئب السامة ،ويتصف أصحابها بخبث وغدر الذئاب،وليس سرا القول أن التنازل الصهيوني لم يكن ليظهر لولا التسريبات التي أقلقت صانع القرار الصهيوني ،وتتعلق بنسج علاقة مع إيران ،والتنسيق الأردني مع تركيا العدوة لمستدمرة إسرائيل.
لا يغرننا هذا التنازل الصهيوني رغم مغزاه ومعناه ،فمستدمرة إسرائيل بتحالفها مع البترودلار العربي المعلن ،قد كسبت قوة على قوة ،وقد تشابكت المصالح المشتركة للطرفين العدوين ومحورها حاليا واحد هو شطب القضية الفلسطينية والأردن الرسمي والسطو على الوصاية الهاشمية على المقدسات العربية في القدس المحتلة ، ولقد إصطدموا بصخرة الموقف الأردني الصلدة ،وبوجهته نحو تركيا ،وهذا ما أزعجهم ،وتفيد المعلومات الوادرة من القدس المحتلة ان مؤامرة كبيرة تحاك ضد الأردن الرسمي ،وتتمثل بتشكيل وفد مقدسي ممن يقبلون الرشا ،للتوجه إلى مملكة الصحراء ،من أجل تأييد نزع الوصاية الهاشمية من الأردن ،والإشادة بدور الراشين في الحفاظ على المقدسات.
فرحنا كثيرا لتساوق الموقفين الأردني والفلسطيني رسميا وشعبيا ،رغم أن صانع القرار الصهيوني أبدى إنزعاجه مت هذا التساوق لنه بعلم علم اليقين أن إتفاقا بين دولتين عربيتين مهما كان مستواه ،يرعبه ويبطل مشاريعه التآمرية ،ولذلك نقول أن تراجع الموقف الأردني عن مستوى الإبهار الذي سبق الإعتذار الصهيوني، يعد ضربة للموقف الفلسطيني ،كما ان أي خلل في الموقف الفلسطيني يلحق الضرر بالأردن ،فلنحذر من إلحاق الضرر ببعضنا البعض.

نيسان ـ نشر في 2018-01-19 الساعة 16:12


رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

الكلمات الأكثر بحثاً