
جهود محلية لتعزيز المهارات الرقمية
أعلن مركز كوانغميونغ لتعليم الابتكار الرقمي في كوريا الجنوبية، يوم 22 أكتوبر، عن اختتامه الناجح لـ “برنامج تدريب البالغين على استخدام الذكاء الاصطناعي لعام 2025”. استمر البرنامج لمدة شهر كامل، بدءاً من 22 سبتمبر وحتى 22 أكتوبر، وهدف بشكل رئيسي إلى تقليص الفجوة الرقمية لدى البالغين وتعزيز قدراتهم على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية. وقد شارك في البرنامج، الذي ركز على التطبيق العملي والممارسة، حوالي 30 شخصاً من سكان المدينة.
برامج عملية وتفاعل إيجابي
تضمن التدريب مسارين رئيسيين: الأول بعنوان “إنشاء مساعد ذكاء اصطناعي”، والذي ركز على تطبيقات يمكن الاستفادة منها مباشرة في الحياة اليومية ومجال العمل. أما المسار الثاني فكان “تصميم أعمال فنية بالذكاء الاصطناعي”، حيث تعلم المشاركون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإعادة تفسير الروائع الفنية والثقافة التقليدية وإنتاج أعمالهم الخاصة. وأعرب المشاركون عن رضاهم الكبير، مشيرين إلى “تحسن ملحوظ في كفاءة العمل وتراجع الرهبة من التعامل مع الذكاء الاصطناعي”. كما أضافوا أن “استخدام هذه التقنيات زاد من اهتمامهم بالفنون وعزز ثقتهم بقدراتهم الإبداعية”.
التزام بالتعليم المستمر
من جهته، أكد عمدة مدينة كوانغميونغ، بارك سيونغ وون، على أهمية هذه الخطوة، صائلاً: “إن القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة أساسية”. وتعهد العمدة “بمواصلة تقديم برامج تعليمية منهجية وفعالة لتمكين المواطنين من استخدام التكنولوجيا الرقمية بثقة وقيادة التغيير الجديد”. واستجابة للإقبال الإيجابي الكبير، أعلن المركز عن نيته إطلاق “المرحلة الثانية من التدريب على استخدام الذكاء الاصطناعي” في شهر نوفمبر القادم لمواصلة التعليم العملي.
ظاهرة عالمية تجتاح الجامعات
تأتي هذه المبادرة المحلية في وقت يشهد فيه قطاع التعليم العالي العالمي تحولاً جذرياً بفعل الذكاء الاصطناعي. فوفقاً لتقرير نُشر في المجلة العلمية المرموقة “نيتشر” (Nature)، يغير الذكاء الاصطناعي المشهد الأكاديمي بوتيرة سريعة جداً، تفوق سرعة وضع السياسات التعليمية والمعايير الأخلاقية اللازمة لمواكبتها.
تبني واسع في الأوساط الطلابية
تظهر الإحصائيات هذا الانتشار الواسع؛ فبحسب “مجلس التعليم الرقمي” (DEC)، يستخدم 86% من طلاب الجامعات حول العالم الذكاء الاصطناعي بانتظام في دراستهم لعام 2024، خاصة في مهام الكتابة، والتلخيص، وشرح المفاهيم. وفي بريطانيا، أظهر استطلاع أجراه “معهد سياسات التعليم العالي” (HEPI) أن أكثر من 90% من الطلاب استخدموه للمساعدة في إنجاز واجباتهم. وقد سارعت جامعات كبرى لدمج هذه التقنية؛ فجامعة تسينغهوا الصينية، على سبيل المثال، باتت تزود الطلاب المستجدين برموز تفعيل لـ “مساعد ذكاء اصطناعي” للاستفسار عن المحاضرات والأنشطة. بينما قامت جامعة ولاية أوهايو الأمريكية بتعديل مناهجها العامة لضمان إتقان جميع الخريجين لمهارات الذكاء الاصطناعي. بدورها، تبنت جامعة سيدني الأسترالية “نظام تقييم مزدوج” يهدف لتقييد استخدام الذكاء الاصطناعي في الامتحانات الحضورية، بينما يسمح باستخدامه في الواجبات التي تُنجز عن بُعد.
جدل حول الفعالية: “مساعد التعلّم” أم “نهاية التفكير”؟
لكن هذا التبني السريع أثار جدلاً واسعاً حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي “مساعداً للتعلم” أم “نهاية للتفكير” النقدي. ففي حين أظهرت تجربة عشوائية أُجريت في صفوف الفيزياء بجامعة هارفارد أن الطلاب الذين استعانوا بـ “مدرّس ذكاء اصطناعي” استوعبوا المفاهيم بشكل أسرع من أولئك الذين اعتمدوا على المدرسين البشريين فقط، إلا أن دراسة أخرى (لم تُنشر بعد) من جامعة تسينغهوا أظهرت نتائج مغايرة. فقد حقق الطلاب المستخدمون للذكاء الاصطناعي علامات أعلى مباشرة بعد الدرس، لكن علاماتهم انخفضت بشكل ملحوظ بعد أسبوعين أو ثلاثة. وحذر فريق البحث من “تأثير التعلّم الزائف”، حيث يعتقد الطالب أنه فهم المادة، بينما هو في الحقيقة لم يستوعبها بعمق.
تأثيرات على النشاط الدماغي
امتد البحث ليشمل التغيرات الفسيولوجية، حيث رصد فريق بقيادة الباحثة ناتاليا كوسمينا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نشاط الدماغ لدى 54 طالباً جامعياً. ووجدت الدراسة، عبر تجارب تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، أن الطلاب الذين استخدموا “شات جي بي تي” لكتابة نصوص أظهروا “اتصالاً دماغياً” أقل مقارنة بالطلاب الذين كتبوا النصوص بأنفسهم. وعلقت كوسمينا قائلة: “إن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يقلل من مستوى التعاون بين مناطق الدماغ المختلفة”، مشيرة إلى أن التأثيرات طويلة الأمد لمثل هذا الاستخدام لا تزال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث.