
أسباب الارتفاع الجنوني في مصر
أوضح مسؤولان في قطاع الذهب بمصر، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الارتفاع الحالي في أسعار الذهب بالتزامن مع صعود سعر الدولار يُعزى إلى مزيج من عدم الاستقرار العالمي، وزيادة الطلب مقابل شح المعروض، وعوامل أخرى تتعلق بصعوبة تدبير الدولار لاستيراد المعدن الأصفر الخام.
3 عوامل تحكم السوق المصرية
أكد وصفي واصف، مستشار شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية، أن العلاقة الطبيعية بين الذهب والدولار (ارتفاع أحدهما يعني انخفاض الآخر) قد اختلت. وأوضح واصف أن الظروف المستقرة هي التي تحكم هذه العلاقة العكسية، لكن “الوضع الحالي يشهد حالة عدم استقرار وعدم يقين اقتصادي في العالم كله ومن بينه مصر”.
وأشار إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من عدم استقرار سياسي واقتصادي عالمي “قضى على الرابط بين سعر الدولار والذهب”.
ولخّص واصف العوامل المؤثرة حالياً في السوق المصرية بثلاث نقاط:
-
سعر الذهب في البورصات العالمية: وهو مرتفع بالفعل.
-
سعر الدولار في السوق المحلية: الذي يشهد ارتفاعاً بسبب عدم توفره بالقدر الكافي.
-
العرض والطلب: حيث يفوق الطلب (حتى لو كان عادياً) حجم المعروض.
وشدد مستشار شعبة الذهب على أن “مصر لم تقم بأي عملية استيراد لخام الذهب منذ 3 سنوات، لعدم توفر الدولار بالقدر الكافي”، وهو ما أدى إلى نقص حاد في المعروض وارتفاع الأسعار محلياً.
آلية التسعير وسعر الصرف
نفى واصف ما يتردد عن قيام تجار الصاغة بتسعير الدولار بقيمة 29 جنيهاً (بينما السعر الرسمي بالبنوك دون 25 جنيهاً وقت التصريح). وأوضح أن “التجار في الصاغة لا علاقة لهم إطلاقاً بعملية التسعير للدولار، ولكن هم يحصلون على الخامة وأسعارها من تجار الخام”، الذين يواجهون بدورهم نقصاً في الخام، فيضيف تجار المشغولات تكلفة التصنيع على السعر المرتفع أصلاً.
من جهته، قال رفيق العباسي، (مسؤول آخر بالقطاع)، إن التجار في مصر “يشترون خام الذهب من البورصة بالدولار، وفي ذات الوقت عند تصنيعه وبيعه تتم عملية البيع بالجنيه المصري”.
وأضاف العباسي أنه حتى لو لم يرتفع سعر الذهب عالمياً كثيراً، فإن “سعر الدولار هو الذي ارتفع بشكل كبير بعد تحرير سعر الصرف”. وعند إعادة تسعير الذهب بالجنيه المصري مقارنة بقيمته أمام الدولار، فإن هذا يؤدي حتماً إلى ارتفاع سعر الذهب محلياً بالتزامن مع ارتفاع الدولار.
وكمثال على الأسعار، سجل غرام الذهب عيار 21 (الأكثر مبيعاً) في بداية تعاملات الثلاثاء 1480 جنيهاً، وعيار 18 نحو 1269 جنيهاً، بينما سجل الجنيه الذهب 11840 جنيهاً. وبلغ سعر الأونصة في مصر 1740 دولاراً، فيما سجلت العقود الآجلة عالمياً 1742.20 دولار للأونصة.
أزمة نقص السبائك في كوريا الجنوبية
وفي سياق متصل بالطلب العالمي المتزايد، يبدو أن “حمى الذهب” قد أدت إلى نقص فعلي في السبائك بكوريا الجنوبية، مما دفع البنوك الكبرى لوقف مبيعاتها.
البنوك توقف المبيعات لنفاد المخزون
وفقاً للقطاع المالي الكوري الجنوبي، أوقف بنك “شينهان” (Shinhan Bank) مؤخراً مبيعات سبائك الذهب زنة 1 كيلوغرام. ويأتي هذا الإجراء بسبب نقص الإمدادات من المورد الرئيسي (LS MnM) وسط طلب متصاعد.
ولم يقتصر الأمر على بنك “شينهان”، إذ تعاني منافذ البيع بالتجزئة من نفاد سبائك الذهب. وأوقفت “المؤسسة الكورية لسك وطباعة الأوراق النقدية والأمنية” (KOMSCO) مبيعات جميع منتجات سبائك الذهب مؤقتاً منذ الأول من الشهر الجاري وحتى الأول من يناير العام المقبل.
نتيجة لذلك، أوقفت بنوك “كوكمين” و”هانا” و”ووري” مبيعات المنتجات صغيرة الحجم وتبيع فقط سبائك الكيلوغرام الواحد. كما أوقف بنك “نونغ هيوب” بيع أوزان متعددة (37.5غ، 187.5غ، 375غ) اعتباراً من يوم 20، واقتصرت مبيعاته على أوزان أخرى.
أسعار عالمية قياسية وتحذيرات محلية
يأتي هذا التهافت على الشراء في وقت يواصل فيه الذهب تحطيم الأرقام القياسية عالمياً. فقد تجاوز سعر العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر 4000 دولار للأونصة في السابع من الشهر، وواصل صعوده ليبلغ 4359.4 دولار يوم 20.
ويرى محللون أن المخاوف من استمرار النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتوقعات انخفاض أسعار الفائدة هي ما يدفع الأسعار للارتفاع. ورغم ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 50% هذا العام وحده، تتوقع بنوك استثمار عالمية مثل “بنك أوف أميركا” و”سوسيتيه جنرال” أن الأسعار قد تصل إلى 5000 دولار العام المقبل.
ومع ذلك، يحذر كثيرون في كوريا الجنوبية مما أسموه “الارتفاع الحاد غير الطبيعي”، حيث ترتفع الأسعار المحلية بأكثر من نظيرتها العالمية. ففي يوم 20، بلغ سعر الذهب الفوري في البورصة الكورية (KRX) ما يعادل 8.8% أعلى من السعر العالمي، وكانت الفجوة قد اتسعت إلى 18% في يوم 16. وقد حذرت البورصة الكورية المستثمرين من أن “أسعار الذهب تتقارب في النهاية مع الأسعار الدولية، لذا فإن الحذر ضروري”.